الاتحاد مواقف صنعت الريادة
 

 


الاتحاد مواقف صنعت الريادة

إعداد : عبد الحميد عثماني

 عضو المكتب التنفيذي الوطني الحالي مسؤول الاعلام

  

 بحلول الثالث والعشرين من شهر مارس في كل عام، تعود ذكرى طيبة وغالية على كل طالب مر من مدرسة الاتحاد، لتحل معها حزمة  من الصور الجميلة والذكريات النفيسة، وتبعث أشواقا وأوشاجا لطالما سكنت قلوب أصحابها ممن اختاروا درب النضال وأداء الرسالة تجاه المجتمع الطلابي من على منبر الإتحاد .

 

  وها نحن اليوم نحتفي بمرور تسعة عشر عاما على ميلاد تلك المنظمة الوطنية والجمعية الرسالية التي صار لها شأن وصيت ربما لم يكن يراود حلم صانعيها الذين كانوا يصارعون حينها لافتكاك الاعتراف بشرعية الوجود والتعبير عن أفكارهم وأحلامهم وسط محيط مكبوت اعتاد أن ينتهج مسلكية الإقصاء والتهميش، وإن تعذر ذلك فالإحتواء والتوظيف.

  صحيح أن عقيدة الإتحاد واليقين بمستقبل الفكرة كان شعورا راسخا سكن جوانح أهل السبق والفضل منذ البدء وكانت قناعة صلبة تدفع بهم نحو الفعل المدروس والحراك المضبوط .غير أن المخاطر التي كانت تلفهم  وظروف النشأة وطبيعة المرحلة والتحولات الجارية وحداثة التجربة شكلت تحديا نفسيا رهيبا لم يكن من السهل مغالبته الا بظهور متأني وخروج منهجي يدرك معطيات الساحة ويعي حدود المساحة بعدما فهم المشروع بأبعاده التاريخية والمستقبلية وشموليتة الحضارية .

   تعود اليوم ذكرى التأسيس لتحمل معها كثيرا من المستجدات الطارئة والإضافات المحصلة والإنجازات المحققة وتكشف عن مواقع متقدمة ومساحات واسعة وعلاقات قائمة أهلت الإتحاد لريادة الساحة الجامعية وأحقيته في التمثيل الطلابي والتعبير عن عمق الحركة الجمعوية الفاعلة والعضوية .

  صور كثيرة تزاحم الذاكرة وأفكار متعددة تدافع القلم وخواطر لامتناهية ترد على الذهن والقلب في هكذا مناسبة، ومع ذلك فهي محاولة متواضعة لإستقراء مسيرة حافلة و ولوج مدرسة شكلت على الدوام عبورا نحو المستقبل .

  لا أزعم مطلقا أنها كتابة توثيقية فضلا على أن تكون تاريخية، بقدر ماهي خلجات ألقت بكلكلها على صدري إستوحيتها من محاورات ومجالسات لمن تقدموا المشوار وصنعوا القاطرة التي ركبناها نحن من بعدهم في رحلة حضارية جعلها المولى تبارك وتعالى دولا بين الأجيال والأمم.

الاتحاد....الولادة الناضجة  (7/1) 

تعود جذور الحركة الطلابية الجزائرية إلى مطلع القرن العشرين ولكنها تبلورت في إطارها التنظيمي وأخدت شكل التعبير الإجتماعي والسياسي الفعال مع بداية الخمسينات بعدما رافقت الحركة الوطنية في تطورها ومسيرتها النضالية وقد شكل الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائرين الإطار الأوسع تمثيلا والرافد الأساسي لثورة التحرير المباركة ليصبح أحد النمادج الطلابية الأكثر تميزا على الصعيد العالمي ولكن الجزائر المستقلة وضمن خياراتها السياسية كبحت المبادرة الطلابية من أن تعبر عن نفسها إلا وفق الرؤية الرسمية بمعنى أن تتحول إلى أحد أجهزة النظام على شاكلة الحزب الواحد والتنظيمات الجماهيرية الملحقة بها .

ولكن ذلك لم يمنع رغم الغلق المطبق نمو الأفكار السياسية والإجتماعية والحضارية لاسيما الإسلامية الوطنية واليسارية منها، لتتشكل العديد من الإتجاهات الايديولوجية في الساحة الجامعية وتعبر عن ذاتها ضمن صيغ مختلفة برزت أكثر عبر التنافس على كسب المواقع التمثيلية والثقافية المتاحة في الجامعة .

غير أن الجزائر وبفعل التحولات العالمية المصاحبة لنهاية الحرب الباردة وتحت تأثير الضغوط الداخلية المتعددة إختارت الإنفتاح لتقر بذلك دستورية التعددية السياسية ،النقابية والإعلامية وهنا وجدت التيارات الفكرية الفرصة مواتية لهيكلة نفسها وتأطيرأفرادها وممارسة الترويج والدعاية لأفكارها باسم القانون بعد صدور دستور 23 فيفري 1989، بموجب هذا التحول ظهر الاتحاد العام الطلابي الحر إلى الوجود وعقد مؤتمره التأسيسي بعد شهر واحد من ذلك أي عشية 23مارس 1989 بعدما تم وضع لبناته الأولى غداة 11 نوفمبر 1988لأنه كفكرة ومشروع كان سابقا على الإنفتاح الرسمي.

ورغم المشهد الإنفتاحي الذي بدت عليه الساحة الجزائرية آنذاك فإن إرهاصات الولادة كانت عسيرة للغاية بفعل الظروف العامة التي إستيقظت على وقعها البلاد بعد انهيار أسعار البترول عام 1986 لتجد الجزائر نفسها تعيش أزمة إقتصادية خانقة ومكبلة بمديونية خارجية كما أن   إرادة الإنفتاح السياسي كانت محل شك وريبة مقابل حالة الإندفاع والتهور التي تبديها بعض الأطراف المستعجلة للتغيير وقد تمكنت من تجميع الجماهير حول خطابها التعبوي المتسم بالشعبوية  والضدية الحادة تجاه الدولة بمختلف مؤسساتها ورموزها مستفيدة من حالة الإختناق والضغط الإجتماعي .

وسط هذه الساحة المكهربة والمحفوفة بالألغام شق الإتحاد طريقه واختار نهجه النضالي ورسم خطه النقابي محددا لنفسه خطابا متميزا وعقلانيا في عمق الهدير الذي كان يصم الآذان ومؤسسا لأدبياته وتقاليده في الممارسة النقابية والفعل الطلابي .

لقد تمكن الإتحاد من تسجيل الحضور والتميز في شهور قليلة مع بداية الإنفتاح لأنه كان واضح المنطلقات نبيل الأهداف والغايات وشرعي الوسائل معبرا في أفكاره ومواقفه عن أصالة الطالب الجزائري و واقعه المعيش فكان بذلك امتتدادا لمسيرة الحركة الطلابية الجزائرية الأصيلة في معركة التحرر الوطني ثم البناء والتشييد. كما أنه تجاوز المعارك الجدلية القائمة حينها في الأوساط الإسلامية والمرتبطة بمشروعية الإختلاط في العمل الطلابي وحدود الإنفتاح والتعاطي مع التيارات الإخرى .والتي كانت تستنزف الجهد والوقت على حساب الأولويات وعمق الصراع وجوهر القضايا المطروحة آنذاك.

بهذه الإنطلاقة الناضجة بدأ الإتحاد مشواره الطلابي ومساره النقابي مستلما مشعل المسيرة الطلابية الجزائرية من صناعها التاريخيين وعلى رأسهم المجاهد الأستاذ: بلعيد عبد السلام ومستكملا للرسالة الوطنية في بناء جزائر الإستقلال والتعددية والدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للطلبة وترقية مكتسبات الجامعة الجزائرية .

.

عثماني عبد الحميد

 
 
  Today, there have been 12 visiteurs (16 hits) on this page!  
 
نخن نعمل لغايتين اننتج ولنأدي الواجب فإن فاتتنا الأولى فلن تفوتنا الثانية This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free